الخميس، 22 ديسمبر 2016

بعد تعيينها بمجلس الشورى .. السعودية كوثر الأربش تتحدث عن الطائفية وحلب وإيران وعاشوراء




سبقتها أخريات، ولكنها المرة الأولى التي تتولى فيها مسلمة رئاسة الوزراء في بلد ذي أغلبية مسيحية بأوروبا.

رغم احتجاج بعض الشيعة ضدها بسبب انتقاداتها لإيران وطقوس الاحتفالات الخاصة بعاشوراء، إلا أن الكاتبة كوثر الأربش، التي عينها الملك السعودي عضوة بمجلس الشورى، لازالت مصرة على انتقاداتها وآرائها، قائلة إن ما تهتم به هو الوطن فقط.

وقالت الأربش في حوار مع "هافينغتون بوست عربي"، إنها لن تعطي أي اهتمام للآراء الطائفية، "لأن الأهم هو خيارات الوطن وليس خيارات المذهب والقبيلة"، حسب تعبيرها
وأضافت بعد أن أدت القسم الثلاثاء 13 ديسمبر/كانون الأول 2016، أن اختيارها لواحد من 20% من مقاعد المجلس الـ150، وهي النسبة المخصصة للنساء في المملكة هدم ما أسمته "وهم المظلوميات المذهبية".
وعبَّرت الأربش عن سعادتها بعد أن اتصل بها الديوان الملكي السعودي لإخبارها باختيارها للمنصب وهي في واشنطن مع وفد للسيدات من العالم العربي، ضمن برنامج الزائر الأجنبي للقيادات "حيث شعرت بالخجل والرهبة مثل العروس التي يزف لها خبر خطبتها".
واعتبرت أن التعيين "حمل ثقيل في نفس الوقت، بحيث لا يجب أن أخذل ثقة الناس والملك، وأن أقدم شيئاً للبلد"، مشيرة إلى أنها تلقت اتصالات كثيرة لتهنئتها، خاصة من المكون الشيعي "بما فيهم بعض خصومي الذين فهموا أخيراً الرسالة التي أردت أن أوصلها، بأن الأهمية داخل الوطن للكفاءة وليس للطائفية أو القبيلة"، على حد تعبيرها.

استشهاد ابنها

وعن أصعب لحظات حياتها، تتذكر الأربش قصة ابنها محمد العيسى، الذي قُتل دفاعاً عن أرواح المصلين في جامع العنود في الدمام شرقي السعودية في مايو/أيار 2015، الذي كان قد تطوع للاشتغال ضمن لجان رسمية كانت قد أُنشئت لحراسة المساجد.
وتضيف: "ابني محمد شك حينها بشخص متخفٍ في عباءة امرأة على أنه انتحاري، فأشار لابن خالته الذي استشهد معه أيضاً بأن يأخذاه إلى مكان بعيد عن المصلين بمسافة كافية، قبل أن يُفجر الانتحاري نفسه، وبذلك أنقذ أرواح الكثيرين بحكمة وشجاعة".
وأشارت إلى أن "هذا هو الشرف الحقيقي، وهذا هو الفرق بين أن تبث الكراهية، وتفرق الإخوة، وتخون الوطن، وبين أن تبذل روحك من أجل الله والحياة والحب والوطن".

الحشد الشعبي

ويتهم البعض الأربش بالتناقض، حيث إنها في الوقت الذي تفتخر فيه بابنها الذي قُتل بعد انضمامه للجان حراسة المساجد، ترفض تماماً مطالب بعض من الشيعة بإنشاء حشد شعبي.

وترد على الأمر بالقول، إن على هؤلاء أن يفرقوا بين لجان الحراسة والحشد الشعبي، "فالأخير أشبه بميليشيا لكونه مجموعة مدربة ومسلحة مستقلة عن الدولة، تلعب دورَ الدولة في حماية البلاد والناس، وهذا ما أرفضه بشكل قاطع، فلجان حراسة المسجد ليست حشداً مسلحاً".




عاشوراء

وكانت الأربش قد نشرت من قبل تدوينة على تويتر، كتب فيها: "بتزامن أربعينية الحسين ويوم الطفل العالمي، أطالب الحكومات العربية والإسلامية بإنقاذ الأطفال من هذه الطقوس الوحشية".
وعن مدى خوفها من إمكانية مواجهتها مشاكل بعد تلك التدوينة، خاصة أنها قد تُفهم من بعض الشيعة مساساً بالمعتقدات، تؤكد كوثر أن التطبير، وهو شق الرؤوس وإسالة الدماء من البدن خلال عاشوراء "أمر محرم ومكروه لدى معظم مراجع الشيعة، وهو بذلك أشبه بقانون إجرائي يتم تجاهله، ولا يُعاقب به".
إلا أنها اعتبرت التحريم غير كافٍ في الموضوع "لأن قيمة القانون ليست في تشريعه، بل في تطبيقه ومراقبة احترامه"، على حد تعبيرها. "وبالتالي تكون فتوى تحريم التطبير لا قيمة لها فعلياً".
وأوضحت أن ما تقصده في تغريدتها هو أنه "إذا لم تتمكن الفتوى من إيقاف حمامات الدماء تلك، فإني أطالب الدول أن تحمي الأطفال من تلك الممارسات الوحشية".

حياتها في خطر

ولا تنفي الأربش "احتمال أن تكون معرضة للخطر بسبب ما قد يُعتبر مساساً منها ببعض المعتقدات الشيعية المترسخة"، إلا أنها "لا تخاف ذلك".
وزادت قائلة: "أنا ربما أخاف من الأماكن المظلمة، أو من بعض الكوابيس أكثر من أن أخاف من أن يُهاجمني متطرف ما ويُصوب نحوي رصاصة، فكلنا سنموت في يوم ما مهما اختلفت الطريقة، لكن الأهم ماذا سيبقى للآخرين مما نريد قوله بكامل صدقنا وإحساسنا بالمسؤولية"، على حد تعبيرها.

مصارعة التطرف

وترى الكاتبة السعودية، أن التطرف "يخفي وراءه اضطراباً في إيمان المتطرفين بما لديهم من معتقدات، كما قد يُخفي أيضاً مشاكل نفسية تتعلق بمدى ثقتهم بنفسهم".
وتضيف أن "قراءة مسيرة تحوُّل كثير من المتنورين ستُظهر لك أنهم كانوا يوماً ما شديدي التطرف".
ولم تكتف الأربش بذلك، بل صرحت بأنها "تتفاءل بالمتطرفين كثيراً، لأنهم أكثر قابلية للتغيير بسبب هشاشة ما لديهم من أفكار، مثل المصارع الذي يُهاجم بكل شراسة في البدء، ثم ينهار سريعاً".
وعن دورها في هذه "المصارعة"، تفيد بأنها "ستقدم المزيد من المواجهة والمصارحة، في محاولة للتنوير، سواء بكتابة المقالات والتغريدات، أو بخطط مستقبلية قد تعلن عنها لاحقاً".



التقريب بين المذاهب

ترى عضو مجلس الشورى السعودي، أن الوقت الحالي "تجاوز فكرة التقريب بين المذاهب"؛ إذ "نحن في مرحلة نحتاج فيها التركيز على ما هو أهم وأكثر إلحاحاً، وهو أمن الوطن"، على حد تعبيرها: "فنحن -أي السعوديين- مهددون بسلامتنا شرقاً وجنوباً وشمالاً، وإيران تزداد طمعاً وانكشافاً في خططها".
وبخصوص حلب و"صراع المذاهب"، تقول إن الأهم هو التماسك الوطني وتجاوز الاختلاف "فمن سيفكر في مذهبك وهو مهدد في دينه وأرضه ودمه وماله؟! إننا لا بد أن نفكر بأنفسنا كسعوديين".

قيادة السيارة

وفيما يتعلق بقيادة المرأة للسيارة داخل السعودية، ترى الكاتبة أن الموضوع الآن "ليس بحاجة لمناقشة في مجلس الشورى، قبل أن ترتفع نسبة قبولها اجتماعياً".
وتضيف أن القيادة قضية مجتمع بالدرجة الأولى "والكثير من رجال الدين وأصحاب القرار أخبرونا بأن القيادة حق مشروع للمرأة على المستوى الإنساني والديني، لكن المجتمع في بعض أطيافه لا يزال يرفض ذلك".
وتقول إن "بعضاً من سيدات بلادي ينقصهن أن يعرفن حجم التغيير الهائل من حولهن، تلك الأبواب المفتوحة لهن اليوم، وكيف يُمكن لهن الاستفادة من الصلاحيات والفرص المتاحة".
وتابعت قائلة: "ينقص البعض إدراك أن إحداث أي تغيير حقوقي، يلزمه خطة وحكمة وتثقيف للمجتمع".
أما بخصوص تمثيل النساء في مجلس الشورى، فترى أن نسبة 20% مرضية وجيدة، مقارنة بفراغ كراسي الشورى من المرأة لأعوام طويلة "ولكننا بالتأكيد نتطلع لرفع النسبة لاحقاً".


محتوى هافينغتون بوست عربي