الجمعة، 27 مارس 2015

تعرف على مدينة ومضيق باب المندب باليمن


صورة لمضيق باب المندب من ناسا, جوجل الأرض


من سمع ليس كمن رأى.. عبارة تختزل كل مفردات التعبير، وتوجز كل دلالات الكلمات ومكنون الصور، التي يمكن ان تقال عن المكان الساحر بجماله.. الفريد بموقعه.. الرائع بطبيعته الخلابة، وطبيعة ناسه وأهله البالغة الوداعة والاحترام، التي تكسب المكان بعدا إنسانيا يجعل منه مكانا مقصودا دائما للاستجمام  والسياحة والراحة طوال العام.. طبعا إن توفرت له الخدمات الفندقية والسياحية.

إنه باب المندب.. وتحديدا الشطر الآسيوي من اليابسة التي تربط ساحل البحر العربي بالبحر الأحمر الذي يقع في الجمهورية اليمنية.. التي حبا ها الله بالجمال في كل شيء..
 اليمن- كما يسميها زائروها بأنها بلاد الفصول الأربعة في اليوم الواحد.. صيف في الساحل..وخريف في المحافظات الزراعية ، وشتاء في الجبل ، وربيع في المحميات الطبيعية الخضراء.

باب المندب عبر التاريخ

يعرف مضيق باب المندب بالإنجليزية:  (Bab-el-Mandeb)
بأنه مضيق يصل البحر الأحمر بخليج عدن و المحيط الهندي، ويفصل قارة آسيا عن قارة إفريقيا و بشكل أدق يفصل جمهورية اليمن عن جيبوتي, وقد جاء ذكر «المندب» في المساند الحميرية، واشتق اسمه من ندب أيجاز وعبر، وهناك رأي يقول إنه من ندب الموتى ويربطه بعبور الأحباش إلى اليمن.

وبحسب “ويكيبيديا”، الموسوعة الحرة، فان مضيق باب المندب يقع بين الإحداثيات (12o28’40” شمالا، 43o19’19” شرقا) و (12o40’20” شمالا, 43o27’30” شرقا)، والمسافة بين ضفتي المضيق هي 30 كم (20 ميلا) تقريبا من رأس منهالي في الساحل الآسيوي إلى رأس سيان على الساحل الإفريقي و جزيرة بريم (مَيون) التابعة لليمن التي تفصل المضيق إلى قناتين الشرقية منها تعرف باسم (باب اسكندر) عرضها 3 كم وعمقها 30م.

أما القناة الغربية واسمها(دقة المايون) وعرضها 25 كم وعمق البحر فيه يصل إلى 310 م، بالقرب من الساحل الإفريقي توجد مجموعة من الجزر الصغيرة يطلق عليها الأشقاء السبعة ،وهناك تيار سطحي يجري للداخل في القناة الشرقيةوفي القناة الغربية هناك تيار عميق قوي يجري للخارج, مياه الممر دافئة (24- 32.5درجة مئوية)، والتبخر فيه شديد (2200-3000مم سنوياً) مما يُفقد البحر الأحمر كميات كبيرة من المياه تعوضها مياه تدخله من خليج عدن خاصة في الشتاءأما في الصيف فتخرج من البحر الأحمر مياه سطحية,وتقدر حصيلة التبادل المائي في باب المندب بنحو ألف كم3 لمصلحة البحر الأحمر، وتصل ملوحة مياه الممر إلى 38بالألف، وحركة المد فيه إلى نحو المتر.

نشأ الممر نتيجة تباعد إفريقيا عن آسيا بالحركة البنائية الصدعية للانهدام السوري ـ الإفريقي الذي كوّن البحر الأحمر في أواخر الحقب الجيولوجي الثالث في عصري الميوسين والبليوسين.

الأهمية الإستراتيجية للمضيق

ظلت أهمية باب المندب محدودة حتى افتتاح قناة السويس وربط البحر الأحمر وما يليه بالبحر المتوسط وعالمه، فتحول المضيق”باب المندب إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوربية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرقي إفريقية.

ومما زاد من أهمية الممر، هو عرض قناة عبور السفن فيه التي تقع بين جزيرة بريم والبر الإفريقي، وهو 16كم وعمقها 200-100م، مما يسمح لشتى السفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين متباعدين، وقد ازدادت أهميته بوصفه واحداً من أهم الممرات البحرية في العالم، مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي.

ويقدر عدد السفن وناقلات النفط العملاقة التي تمر فيه في الاتجاهين، بأكثر من 21000 قطعة بحرية سنوياً (57 قطعة) يومياً.

سيطرة اليمن استراتيجيا على المضيق

لليمن أفضلية إستراتيجية في السيطرة على الممر لامتلاكه جزيرة بريم”ميون، إلا أن القوى الكبرى وحليفاتها عملت على إقامة قواعد عسكرية قربه وحوله وذلك لأهميته العالمية في التجارة والنقل، كما سعت الأمم المتحدة في عام 1982 لتنظيم موضوع الممرات المائية الدولية ودخلت اتفاقيتها المعروفة باتفاقية جامايكة حيز التنفيذ في شهر تشرين الثاني من عام 1994.

وتبقى أهمية باب المندب مرتبطة ببقاء قناة السويس أولاً وممر هرمز ثانياً مفتوحين للملاحة، أمام ناقلات النفط خاصة، وتهديد هذين الممرين أو قناة السويس وحدها يحول السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح،ويحد من الحركة في المضيق.

جسر بين اليمن وجيبوتي

في22 فبراير 2008م كشف النقاب عن مخطط إنشاء جسر بحري يربط بين اليمن وجيبوتي عبر المضيق، وإذا نجح هذا المشروع فسوف يكون هذا الجسر هو أطول جسر معلق في العالم، وسيربط بين قارتين ويرفع من الأهمية التجارية والسياحية للموقع”باب المندب ولليمن بشكل عام، ولاسيما وان حرية التنقل من القرن الإفريقي إلى قارة آسيا ستسهل وبيسر عبر البر.

باب المندب المكان والسكان

مديرية باب المندب هي إحدى مديريات محافظة تعز و تبعد عن مدينة عدن حوالي 205 كم ، وتفصلها عن مدينة تعز عاصمة المحافظة التابعة لها 80 كم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 18 ألف نسمة، ومساحتها الإجمالية 95 كم مربعا، وهي مديرية ساحلية و يعيش سكانها على الصيد ثم الرعي وقليل منهم يعملون في الزراعة.

السياحة نشاط اقتصادي ينتظر التفعيل

وانطلاقا من موقعها الاستراتيجي وجمال سواحلها وطبيعة وسحر جزرها فإنها تعتبر مكان جاذب للسياحة على المستوى الداخلي أو حتى على المستوى الخارجي، غير ان افتقادها إلى ابسط الخدمات التي تساعد وتعزز ذلك الجذب الطبيعي مثل وجود الفنادق والمطاعم والاستراحات الفندقية بالإضافة إلى ضعف الخدمات الأساسية المتمثلة بالمياه والكهرباء، قد جعلها بعيدة كل البُعد عن اهتمام السائح المحلي أو الأجنبي بل إنها غير مقصودة للبقاء والراحة من عناء السفر عند العابر من الحديدة الى عدن لأنها تفتقد إلى مكان للراحة عدا استراحة يتيمة بناها احد المستثمرين”” إلى جوار محطة الوقود خاصته وهي مع المطعم يقومان بدور كبير في لم شتات النخبة في المديريات عند استقبال أي زائر.

شريان الحياة .. إنجاز كبير
في الطريق المسفلت من عدن إلى باب المندب الذي يمتد وصولا إلى الحديدة رابطا لها بالمملكة العربية السعودية، وقبيل وصولنا إلى المكان المحدد ـ باب المندب بسحر جماله وعراقة تاريخة ـ مررنا بقرى ومناطق كثيرة ، تحول سماعنا عنها إلى مشاهد بأم العين فمن رأس عمران كانت البطولة ومن بعدها منطقة كثيرة حتى وصلنا إلى باب المندب المكون أساسا
من ثلاثة تجمعات سكانية هي غريرا والمطراح و السويداء.

القرى.. معالم ومآذن

وبما ان الطريق من عدن إلى باب المندب يمر عبر ثلاث محافظات فانه من اللازم الإشارة إلى ان الطريق يسير عبر الصحراء وبالقرب من شط بحر العرب، ذلك البحر الذي زينه الله بالجمال وميزه بوفرة الأسماك.

والطريق الذي خضب الساحل بخط اسود طويل فصل بين الصحراء والبحر يمر عبر عدد كبير من الطرق مثل رأس عمران ورأس العارة وخرز ومرخة وغيرها من القرى المتناثرة التي تعرف فقط باللوحات المرفوعة على جانبي الطريق للتعريف بها وتتميز بارتفاع مآذن مساجدها التي تشمخ فوق القرى التي تتكون منازلها غالبا من القش والخشب، خصوصا القديمة منها أما الحديثة فان الطوب الأسمنتي هو المادة الرئيسة لبنائها، لكنها تبقى بيوتا متواضعة وتحكي حال أبناء تلك القرى الذين يعانون
من فقر في الماء وانعدام للكهرباء، وشح في الخدمات الصحية بكل تأكيد..

واللافت ان تجمعات البدو الرحل ـ وكما تعرفون هم ليس لهم منازل مستقرة ـ اللافت ان كل بدوي يتخذ من ظل شجرة بيتا والأشجار هناك كريمة بظلها الوارف، ويكفي البدوي للاستقرار المؤقت هناك ظل شجرة وبضع دبات الماء يمكن ان تصل في عددها إلى العشرين بحسب قدرة البدوي حتى يعلن عن كيانه بين جيرانه.. غير ذلك فانه يعتبر نوعا من الترف
عند ذلك الذي عشق الترحال مع ماشيته بحثا عن الماء والكلا.. هاربا من قيود الاستقرار ومن أعباء البحث عن بيت وسكن دائم أصبح من الصعوبة بمكان تحقيقه في هذا الزمن.

إعجاز الرحمن” مرج البحرين يلتقيان

وإذا كان المكحل قد سيطر على الموقف بالشرح والتوضيح في المفرزة القديمة أعلى الجبل التي بناها الأتراك قبل أكثر من قرنين، فان الشارحين والمتحدثين عند ساحل البحر قد تعددوا كل يشرح على طريقته عن عظمة قدرة الله عز وجل مذكرين بالآية القرآنية  }مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان}، حتى البحر ساهم في الشرح والتوضيح من خلال اختلاف لون مائه في البحر الأحمر عنه في البحر العربي عند التقائهما، حيث يمثل اللون الأخضر الفاتح البحر الأحمر، واللون الأزرق البحر العربي.

كما يمكن للزائر ان يلمس بالإضافة إلى اختلاف لون الماء اختلافا واضحا في درجة الحرارة فماء البحر الأحمر دافئ وماء بحر العرب بارد ويروي أهل المنطقة انه يمكن للزائر لساحل البحر ان يضع علبة الماء في مياه البحر لعدد من الدقائق حتى يسحبها وقد بردت، وكأنه ثلاجة طبيعية من صنع الرحمن صانع كل شيء.

وفي الساحل وقفنا على شط لا تكونه الرمال وليس من الصخر بل من الأحجار الصغيرة المتفتتة التي تكورت عبر الزمن بفعل الاحتكاك وأصبحت ناعمة الملمس لتمنح ذلك الساحل بعدا جماليا رائعا وتفردا لم يرى مثلهما كاتب السطور في حياته من قبل.

)الشورى) عاصمة الصيادين

خور الشورى، هي منطقة فيها محمية طبيعية للأعشاب والشجيرات التي تنمو بالقرب من البحر بمساحة ألفي متر مربع، وتمر بها مياه البحر لتفصلها وكأنها نهر جارٍ في وسطه توجد الكثير من الأشجار تغذي بثمارها الأسماك خاصة العربي والجمبري، والشورى عاصمة الصيادين، وفيها آثار قديمة جدا تعود إلى مئات السنين.